للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اِللَّهِ أَنّى يُصْرَفُونَ (٦٩) اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسْلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ اِلْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ... } إلى قوله: {فَبِئْسَ مَثْوَى اَلْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: ٦٩ - ٧٥].

وأنت إذا تأمَّلت أقوال هؤلاء وسيرتهم رأيت هذه الآيات منطبقة عليهم، وهم المرادون بها، ومن أعظم الجدال في آيات الله جدال من يعارض النقل بالعقل ثم يقدِّمه [ق ٨٢ أ] عليه، فإن جداله يتضمن أربع مقامات:

أحدها: أنه تبيَّن أن الأدلة النقلية من الكتاب والسُّنَّة لا تُفيد علمًا ولا يقينًا.

الثَّاني: أن ظاهرها يدل على الباطل والتشبيه والتمثيل.

الثَّالث: أن صريح العقل يخالفها.

الرَّابع: أنه يتعيَّن تقديمه عليها.

ولا يصل إلى هذه المقامات إلَّا بأعظم الجدال، فهو مراد بهذه الآيات قطعًا، وأعمالهم شاهدةٌ عليهم لمن لم يطلع على حقيقة أقوالهم، وهي التكبر والتجبر والفرح في الأرض بغير الحق والمرح وطلب العلو في الأرض والفساد، ولا تجد من يعارض الوحي بالعقل ويقدمه عليه إلَّا بهذه المنزلة، فهذه علومهم وعقائدهم، وهذه إراداتهم وأعمالهم.

الوجه الرابع والمائة: أن الله سبحانه وصف المُعْرِضين عن الوحي المعارضين له بعقولهم وآرائهم بالجهل والضلال والحيرة والشك والعمى والريب، فلا يجوز وصفهم بالعلم والعقل والهدى. ومنشأ ضلال هؤلاء من شيئين: