للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: الإعراض عمَّا جاء به الرسول.

الثاني: معارضته بما يناقضه.

فمن ذلك نشأت الاعتقادات المخالفة للكتاب والسُّنَّة. فكل من أخبر بخلاف ما أخبر به الرسول عن شيءٍ من أمر الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله واليوم الآخر أو غير ذلك فقد ناقضه وعارضه، سواءٌ اعتقد ذلك بجَنانه أو قاله بلسانه أو كَتَبَه ببنانه.

وهذا حال أهل الجهل المركب. ومن أعرض عمَّا جاء به الرسول ولم يعرفه ولم يتبيَّنه ولا عارضه بمعقولٍ أو رأيٍ فهو من أهل الجهل البسيط. وهو أصل المركب، فإن القلب إذا كان خاليًا من معرفة الحق واعتقاده والتصديق به ومحبته كان معرَّضًا لاعتقاد نقيضه والتصديق به، لا سيما في الأمور الإلهية التي هي غاية مطالب البرية، وهي أفضل العلوم وأعلاها، وأشرفها وأسماها. وهي الغاية التي شمَّر إليها المشمِّرون، وتنافس فيها المتنافسون، وأجرى إليها المتسابقون. فإلى نحوها تمتد الأعناق، وإليها القلوب الصحيحة بالأشواق، فالصادقون فيها أهل الإثبات أئمة الهدى، كإبراهيم خليل الرحمن وأهل بيته، والكاذبون فيها أهل النفي والتعطيل، كفرعون وقومه.

وقال تعالى في أئمة الهدى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ (١) أَىمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤]. وقال في أئمة الضلال:


(١) «ح»: «وجعلناهم». وهذه في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَىمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ اَلصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ اَلزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: ٧٢].