للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَىمَّةً يَدْعُونَ إِلَى اَلنّارِ وَيَوْمَ اَلْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ} [القصص: ٤١].

فمن لم يكن فيها على طريق أئمة الهُدى كان على طريق أئمة الضلال، إذ كان ثغر قلبه مفتوحًا (١) لهم يلقون فيه أنواع الضلال، ويصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون.

ومصداق هذا أن ما وقع في هذه الأمة من البدع والضلال كان من أسبابه التقصير في إظهار السُّنَّة والهُدى، فإن الجهل المركب الذي وقع فيه أهل التعطيل والنفي في توحيد الله وأسمائه وصفاته كان من أعظم أسبابه التقصير في إثبات ما جاء به الرسول عن الله وفي معرفة معاني أسمائه وآياته، حتى إن كثيرًا من المنتسبين إلى السُّنَّة يعتقدون أن طريقة السلف هي الإيمان بألفاظ النصوص والإعراض عن تدبُّر معانيها وفقهها وتعقلها، فلما أفهموا النُّفاة والمعطلة أن هذه طريقة السلف قال من قال منهم: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم. لأنه اعتقد أن طريقة الخلف متضمنة لطلب معاني نصوص الإثبات، ولنفي حقائقها وظاهرها (٢) الذي هو باطل عنده، فكانت متضمنة للعلم والتنزيه، وكان فيها علم بمعقولٍ وتأويل لمنقولٍ، ومذهب السلف عنده عدم النظر في النصوص وفهم المراد منها لتعارض (٣) الاحتمالات. وهذا عنده أسلم؛ لأنه إذا كان اللفظ يحتمل عدة معانٍ فحَمْله على بعضها دون بعض مخاطرة، وفي الإعراض عن ذلك سلامة من هذه المخاطرة.


(١) «ح»: «مفسوحًا».
(٢) «ح»: «ظواهرها».
(٣) «ح»: «التعارض». والمثبت من «درء التعارض» (٥/ ٣٧٨).