للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو تبين لهذا البائس وأمثاله أن طريقة السلف إنما هي إثبات ما دلت عليه النصوص من الصِّفات وفهمُها وتدبُّرها وتعقُّل معانيها وتنزيه الربِّ عن تشبيهه فيها بخلقه، كما ينزهونه عن العيوب والنقائص، وإبطال طريقة النُّفاة المعطلة وبيان مخالفتها لصريح المعقول، كما هي مخالفة لصحيح المنقول = عَلِمَ أن طريقة السلف أعلم وأحكم وأسلم وأهدى [ق ٨٢ ب] إلى الطريق الأقوم، وأنها تتضمن تصديق الرسول فيما أخبر وفَهْم ذلك ومعرفته. ولا يناقض ذلك إلَّا ما هو باطلٌ وكذبٌ وخيالٌ.

ومن جعل طريقة السلف عدم العلم بمعاني الكتاب والسُّنَّة، وعدم إثبات ما تضمناه من الصِّفات، فقد أخطأ خطأً فاحشًا على السلف، كما أن من قال على الرسول أنه لم يُبعث بالإثبات وإنما بُعث بالنفي كان من أعظم الناس افتراءً عليه. فهؤلاء المعطلة مفترون على الله ورسوله، وعلى سلف الأمة، وعلى العقول والفِطَر، وما نصبه الله من الأدلة العقلية والبراهين اليقينية. والكذب قرين الشرك، كما قرن الله بينهما في غير موضع كقوله تعالى: {وَاَجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ (٢٨) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: ٢٨ - ٢٩].

وقال: {إِنَّ اَلَّذِينَ اَتَّخَذُوا اُلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي اِلْحَيَاةِ اِلدُّنْيا وَكَذَلِكَ نَجْزِي اِلْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢].

وقال: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَاءِيَ اَلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ اَلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [القصص: ٧٤ - ٧٥].