للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«صحيحه» من حديث عمار بن ياسرٍ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو: «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ [فِي] (١) الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى. وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ [ق ١٢٢ ب] لَا تَنْقَطِعُ. وَأَسْأْلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ».

يوضحه:

الوجه السادس: وهو أن اللذة والفرح تابعةٌ للمحبة في الكمال والقوة، والمحبة تابعة لمعرفة المحب بصفات المحبوب وجماله. فكلما كان العلم به أكملَ كانت محبته أقوى، وكلما كانت المحبةُ أقوى كانت اللذة والفرح به أكملَ وأتم. وإذا ثبت هذا فإذا كان العبادُ يحصل لهم بمعرفته وذِكره ورؤيته واستماعِ كلامه منه ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، وهو سبحانه أعلمُ بنفسه من غيره، وكذلك كان حمدُه لنفسه وثناؤه على نفسه أعظمَ مِن حمد الحامدين له وثناء المُثْنِين عليه؛ فإن الحمد والثناء تابعٌ للمعرفة والعلم بصفات المحمود، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظمَ الناس حمدًا لربه وثناءً عليه؛ لما كان أعلمَ الخلق به. فثناءُ الربِّ سبحانه على نفسه وحمده لنفسه وتمجيده لنفسه ومحبته لنفسه ورضاه عن نفسه فوق ما يخطر ببال الخلق، أو يدور في قلوبهم، أو تجري به ألسنتُهم؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً


(١) سقط من «ح».