للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه ثلاثون طريقًا مضافة إلى الوجه السابع والأربعين بعد المائة في بيان عدم معارضة العقل للنقل وبيان موافقتهما وتطابقهما. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه الثامن (١) والسبعين بعد المائة: إن هؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم وعقولهم تتضمن معارضتهم الفرية على الوحي والعقل واللغة والفطرة وإفسادها.

أمَّا فريتهم على الوحي فإنهم متى اعتقدوا معارضة العقل له لزمهم أحد أمرين باطلين: إمَّا أن يقولوا: إن الرُّسل أرادوا من الناس اعتقاد الباطل وخلاف الصواب، أو أنهم أتعبوهم غاية التعب وكلَّفوهم أعظم الحرج، وهو اعتقادُ خلاف ما دلت عليه النصوص، ومعرفة الحق بعقولهم وفطرهم، والاجتهادُ في صرف (٢) ألفاظ الوحي عن حقائقها وظواهرها المفهومة منها. وبيان ذلك أنهم إمَّا (٣) أن يريدوا منهم اعتقاد الظاهر أو يريدوا منهم خلافه. فإن أرادوا الأول ـ وهو [ق ١٠٨ أ] باطلٌ عند النُّفاة ـ فقد أرادوا منهم اعتقاد الباطل. وإن أرادوا الثاني لزمت تلك المفاسد العظيمة. وعلى التقديرين فلا يكونون قد بينوا الحق ولا هدوا الخلق.

وأمَّا فريتهم على العقل فإنهم جاؤوا إلى المقدِّمات الفطرية التي فطر الله عليها عباده، فجعلوها من حكم الوهم والخيال، وجاؤوا إلى المقدِّمات الباطلة فجعلوها من أحكام العقل؛ فافتروا على العقل في النفي والإثبات.


(١) بحاشية «ح»: «هكذا وجدناه». كأنه لم يتنبه لقول المصنِّف قبله.
(٢) «ح»: «طرق». والمثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «إنما».