للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

في الطَّاغوت الثَّاني

وهو قولهم: إن تعارَضَ العقل والنقل وجب تقديم العقل؛ لأنه لا يمكن الجمع بينهما ولا إبطالهما ولا تقديم النقل؛ لأن العقل أصل النقل، فلو قدَّمنا عليه النقل لبطل العقل، وهو أصل النقل، فلزم بطلان النقل، فيلزم من تقديم النقل بطلان العقل والنقل، فتعيَّن القسم الرَّابع، وهو تقديم العقل.

فهذا الطَّاغوت أخو ذلك القانون، فهو مبنيٌّ على ثلاث مقدمات:

الأولى: ثبوت التعارُض بين العقل والنقل.

الثَّانية: انحصار التقسيم في الأقسام الأربعة التي ذُكرت فيه.

الثَّالثة: بطلان الأقسام الثلاثة ليتعيَّن ثبوت الرَّابع.

وقد أشفى شيخ الإسلام في هذا الباب بما لا مَزِيدَ عليه، وبَيَّنَ بطلانَ هذه الشُّبهة وكَسَّرَ هذا الطَّاغوت في كتابه الكبير (٢). ونحن نشير إلى كلماتٍ يسيرةٍ هي قطرة من بحره تتضمن (٣) كسره ودحضه، وذلك يظهر من وجوهٍ:

الوجه الأول: أن هذا التقسيم باطلٌ من أصله، والتقسيم الصحيح أن يُقال: إذا تعارَضَ دليلان سمعيَّان أو عقليان (٤) أو سمعيٌّ وعقليٌّ فإمَّا أن


(١) «ح»: «الفصل».
(٢) «درء التعارض» (١/ ٧٨) وما بعدها.
(٣) «ح»: «يتضمن». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «سمعيين أوعقليين». والمثبت من «م».