للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُحْدِثين لها، وأن تكون إراداتهم مشيئاتهم حادثة بلا مُحْدِث، ولزمهم تكذيبهم بنصوص القدَر كلها، والطعن في نَقَلة أخبارها، وتحريفها عن مواضعها بالتأويلات التي هي كذبٌ على اللغة وعلى الله وعلى رسوله. إلى أضعاف ذلك من اللوازم الباطلة. ولزم هؤلاء كلهم أن الكتاب والسُّنَّة جاءا بما يخالف العقل الصريح، وأنه إذا تعارض العقل والنقل قُدِّم العقل وأُطرح النقل.

فهذه الأصول الرديئة الخبيثة تولدت عنها هذه الأولادُ المناسبة لها، ومَن أشبه أباه فما ظلم. فإذا قابلتَ [ق ١١٩ أ] بين أصول أهل الإثبات وما تولَّد عنها وبين أصول المعطلة النُّفاة وما تولَّد عنها تبيَّن لك الفرق بين هذه الأصول وفروعها، وهذه الأصول وفروعها، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ.

الوجه السابع والتسعون بعد المائة: أن مَن تأمَّل أقوال هؤلاء المعارضين للوحي بمعقولهم وآرائهم وجدها قد جمعت أمرين، كلٌّ منهما يدل على بطلانها:

أحدهما: اختلافها في نفسها واضطرابها وتهافتها. وهذا يدل على أنها ليست من عند الله. كما قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اِللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨١] فيكفيك مِن فساد القول اختلافُه واضطرابه وتناقضه.

الثاني: أنما مصدرُها الخرصُ والظن والتخمين ليست صادرةً عن وحيٍ عُلمت عِصمته، ولا عن فطرةٍ وعقلٍ اشترك العقلاء فيما أثبته ونفاه.