للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ (١) وَالنَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» (٢).

فهذه (٣) القصة والمناظرة هي من نقل أهل الكتاب، ونحن لا نصدقها ولا نكذبها؛ وكأنها ـ والله أعلم ـ مناظرة وُضعت على لسان إبليس. وعلى كل حالٍ فلا بد من الجواب عنها، سواء صدرت منه أو قيلت على لسانه، فلا ريب أنها من كيده، وقد أخبر الله سبحانه {إِنَّ كَيْدَ اَلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: ٧٥]. فهذه الأسولة والشُّبهات من أضعف الأسولة عند أهل العلم والإيمان، وإن صعب موقعها عند من أصَّل أصولًا فاسدةً كانت سدًّا بينه وبين ردِّها. وأمَّا من لم يُؤصِّل غير كتاب الله وسُنة رسوله فهذه الأسولة عنده من جنس أسولة تلامذته وأصحابه التي يوردونها على الرُّسل وما جاؤوا به. وهي أسولةٌ فاسدةٌ مبنيةٌ على أصولٍ فاسدةٍ، وقد افترقت طُرق الناس في الأجوبة عنها أشد افتراق، وسلكوا في إبطالها كل طريقٍ يخطر بالبال. ونحن نذكر طرقهم.

فقال (٤) المنجمون وزنادقة الطبيعيين والفلاسفة: لا حقيقة لآدم ولا لإبليس ولا لشيءٍ من ذلك، بل لم يزل الوجود هكذا ولا يزال نسلًا بعد نسلٍ وأُمةً بعد أُمةٍ، وإنما ذلك أمثال مضروبة لانفعالِ القوى النفسانية الصالحة لهذا البشر، وهذه القوى هي المسمَّاة في الشرائع بالملائكة،


(١) يُضرب مثلًا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. كما تقدم (ص ٥٢).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٥٦) ومسلم (٢٦٦٩) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بنحوه. وبانتهاء هذا الحديث انتهى النقل عن الشهرستاني.
(٣) «ح»: «بهذه». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «فقالت». والمثبت من «م».