للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس (١) عشر

في بيان ما يقبل التأويلَ من الكلام وما لا يقبله

لمَّا (٢) كان وضعُ الكلام للدلالة على مراد المتكلم، وكان مراده لا يُعلَم إلَّا بكلامه، انقسم كلامه ثلاثة أقسام:

أحدها: ما هو نصٌّ في مراده لا يحتمل غيره.

الثاني: ما هو ظاهرٌ في مراده، وإن احتمل أن يريد غيره.

الثالث: ما ليس بنصٍّ ولا ظاهرٍ في المراد، بل هو مجمل يحتاج إلى البيان.

فالأول يستحيل دخول التأويل فيه، وتحميلُه التأويلَ كذبٌ ظاهرٌ على المتكلم. وهذا شأن عامة نصوص القرآن الصريحة في معناها كنصوص آيات الصِّفات والتوحيد، وأن الله سبحانه [ق ١٩ ب] مُكلَّمٌ متكلمٌ آمرٌ ناهٍ قائلٌ مخبرٌ مُوصِي حاكمٌ واعدٌ مُوعِدٌ مُنبِئٌ هادٍ داعٍ إلى دار السلام (٣)، فوق عباده. عليٌّ (٤) على كل شيءٍ، مستوٍ على عرشه، ينزل الأمرُ من عنده ويَعرُجُ إليه، وأنه فعالٌ حقيقةً، وأنه كلَّ يوم في شأنٍ، فعَّال لما يريد، وأنه ليس للخلق مِن دونه وليٌّ ولا شفيعٌ ولا ظهيرٌ، وأنه المنفرد بالربوبية والإلهية والتدبير والقيومية، وأنه يعلم السر وأخفى، وما تسقط من ورقة إلَّا يعلمها، وأنه


(١) «ح»: «الخامس».
(٢) «ب»: «ولما».
(٣) «ب»: «الإسلام». والمصنف - رحمه الله - يشير إلى قوله تعالى: {وَاَللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ اِلسَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥].
(٤) «علي» ليس في «ح».