للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدم معارضٍ.

فإذا قال: أنا أؤمن بخبره ما لم يظهر له معارضٌ يدفعه؛ لم يكن مؤمنًا به، كما لو قال: أنا أشهد أن لا إله إلَّا الله إلَّا أن يكون في العقل دليلٌ يدل على إثبات إلهٍ آخر. أو يقول: أنا أؤمن بالمعاد إلَّا أن يكون في العقل دليلٌ ينفيه. أو يقول: أنا أؤمن بالرَّسول إلَّا أن يكون في العقل ما يبطل رسالته. فهذا وأمثاله ليس بمؤمنٍ جازمٍ بإيمانه، وأحسن أحواله أن يكون شاكًّا.

الوجه الثَّامن والثلاثون: أنَّ طُرق العلم ثلاثةٌ: الحسُّ والعقل والمركب منهما. فالمعلومات ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يُعلم بالعقل.

والثَّاني: ما يُعلم بالسمع.

والثَّالث: ما يُعلم بالعقل والسمع.

وكلٌّ منهما ينقسم إلى ضروريٍّ ونظريٍّ، وإلى معلومٍ ومظنونٍ وموهومٍ. فليس كل ما يحكم به العقل علمًا، بل قد يكون ظنًّا، وقد يكون وهمًا كاذبًا، كما أن ما يدركه السمع والبصر كذلك.

فلا بد من حَكَمٍ يفصل بين هذه الأنواع، ويميِّز بين معلومها ومظنونها وموهومها، فإذا اتفق العقل والسمع والعقل والحسُّ على قضيةٍ كانت معلومةً يقينيةً، وإن انفرد بها الحسُّ عن العقل كانت وهميةً.

كما ذكر من أغلاط الحسِّ في رؤية المتحرك أشد الحركة وأسرعها ساكنًا، والسَّاكن متحركًا، والواحد اثنين، والاثنين واحدًا، والعظيم الجُرْم صغيرًا، والصغير كبيرًا، والنقطة دائرة، وأمثال ذلك. فهذه الأمور يجزم