للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقدرية والجهمية، ومَن سلك سبيل هؤلاء من المقلِّدين لهم في الحُكم والدليل، ترى الإخبار بمضمونها عن الله ورسوله لا يقصر عن الإخبار عنه بالأحاديث الموضوعة المصنوعة، التي هي ممَّا عملته أيدي الوضَّاعين، وصاغته ألْسِنة الكذابين. فهؤلاء اختلقوا عليه ألفاظًا وضعوها، وهؤلاء اختلقوا في كلامه معانيَ ابتدعوها.

فيا محنة الكتاب والسُّنَّة بين الفريقين! ويا نازلة نزلت بالإسلام من الطائفتين؟ فهما عَدوانِ للإسلام كائدانِ، وعن الصراط المستقيم ناكبان، وعن قصد السبيل جائران.

فلو رأيتَ ما يصرف إليه المحرِّفون أحسن الكلام وأبينه وأفصحه وأحقه بكل هدًى وبيانٍ وعلم من المعاني الباطلة والتأويلات الفاسدة، لَكدتَ تقضي من ذلك عجبًا، وتتخذ في بطن الأرض سَرَبًا! فتارةً تعجب، وتارةً تغضب، وتارةً تبكي، وتارةً تضحك، وتارة تتوجع لِمَا نزل بالإسلام، وحلَّ بساحة الوحي ممَّن هم أضل مِن الأنعام.

فكشفُ عورات هؤلاء وبيانُ فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ مَعَكَ مَا دُمْتَ تُنَافِحُ عَنْ رَسُولِهِ» (١). وقال: «اهْجُهُمْ ـ أَوْ هَاجِهِمْ ـ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ» (٢). وقال: «اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ مَا دَامَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِكَ» (٣).


(١) أخرجه مسلم (٢٤٩٠) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢١٣) ومسلم (٢٤٨٦) عن البراء بن عازب - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٤/ ٣٧) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وأصل الحديث رواه البخاري (٤٥٣) ومسلم (٢٤٨٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.