للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعرفتكم بالصانع إلَّا بهذه الطريق. فلمَّا سلكها من سلكها أدَّت به إلى ما [آخره] (١) الحيرة والشك والتأويل والتجهيل، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (٢).

الوجه السابع والعشرون بعد المائة: أن هذه المعارضة بين الوحي والعقل نتيجة جهلين عظيمين: جهل بالوحي، وجهل بالعقل.

أمَّا الجهل بالوحي، فإن المعارض لم يفهم مضمونه وما دلَّ عليه، بل فهم منه خلاف الحقِّ الذي دلَّ عليه وأُريد به، ثم عارض ما دلَّ عليه بالرأي والمعقول. ونحن ننزل معه درجة، ونُبيِّن أن المعقول الذي ذكره لا يصلح لمعارضة المعنى الباطل الذي فهمه من الوحي، فضلًا عن المعنى الصحيح الذي دلَّ عليه الوحي، فإنه يستحيل أن يُعارَض معارضةً صحيحة البتة، بل هو الحق الذي ليس بعده إلَّا الضلال. والله تعالى هو الحق، وكلامه حقٌّ، ورسوله حقٌّ، ودينه حقٌّ، ووحيه حقٌّ. وما خالف ذلك فهو الباطل المحض الذي لا يقوم على صحته (٣) دليلٌ، بل الأدلة الصحيحة التي تنتهي مقدماتها إلى الضروريات تدل على بطلانه.

وأمَّا الجهل بالعقل فإنه لا يُتصور أن يعارض العقل الصحيح الوحي أبدًا، ولكن الجاهل يظنُّ أن تلك الشُّبهة عقليةٌ، وهي جهلية خيالية من جنس شبه السوفسطائية.


(١) «ح»: «أسره». والمثبت أقرب شيء للرسم.
(٢) كتب على حاشية «ح»: «مطلب أول الجزء الثاني».
(٣) «ح»: «صحة». ولعل المثبت هو الصواب.