للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففيه من عداوة الله ورسوله بحسب ذلك، ومن (١) أحب نصوص الوحي ففيه من ولاية الله ورسوله بحسب ذلك. وأصل العداوة البغض، كما أن أصل الولاية الحب، قال عبد الله بن مسعود: «لا يسأل أحدكم عن نفسه غير القرآن؛ فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله» (٢).

ومن تأمَّل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ اَلْإِنسِ وَاَلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٣] وجده منطبقًا على هؤلاء أتمَّ انطباق، فإنهم يُوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا. والزخرف هو الكلام المُزيَّن، كما يُزيَّن الشيء بالزُّخرف، وهو الذَّهب. وهو غرورٌ (٣) لأنه يغرُّ المستمع، والشُّبهات المعارضة للوحي هي كلامٌ زخرفٌ يغرُّ المستمع: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ اُلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} [الأنعام: ١١٤]. فانظر إلى إصغاء (٤) المستجيبين لهؤلاء، ورضاهم بذلك، واقترافهم المترتب عليه، فتأمَّل.

الوجه الثَّاني والثمانون (٥): وهو قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اَللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهْوَ اَلَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ اُلْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: ١١٥] وهذا يُبيِّن أن الحَكَم


(١) «ح»: «وما».
(٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٠٩٧) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٥١) والبغوي في «مسند علي بن الجعد» (١٩٥٦) وعبد الله بن أحمد في «السنة» (١٢٥).
(٣) غرَّه يَغُرُّه غرورًا: خدعه. «الصحاح» (٢/ ٧٦٩).
(٤) أصغى يُصغي إصغاءً: إذا أمال سمعه. «جمهرة اللغة» (٢/ ٨٩٠).
(٥) «ح»: «والثمانين».