للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١) أخبر به الرسول.

ومن تأمَّل هذا وهذا تبيَّن له حقيقة الحال، وربما وجد الشُّبه القادحة في أصل النبوة أكثر من الشبه القادحة فيما أخبرت به الرُّسل.

فنقول لمن (٢) قدَّم المعقول المعارض لما أخبر به الرَّسول: هل تُقدِّم المعقول المعارض لأصل الرسالة والنبوة، وأنت قد أوردته وأجبت عنه بما يُعلم أن صدرك لم يَثلَج له (٣)، فإن تلك الأجوبة مبنيةٌ على قواعد قد اضطرب فيها قولك، فمرةً تثبتها، ومرةً تنفيها، ومرةً تقف فيها، أم تطرح تلك المعقولات وتهدرها وتشهد بفسادها؟ فحينئذٍ فهلَّا سلكت في المعقولات المعارضة لخبر الرَّسول ما سلكت في تلك، وكانت السبيل واحدة، والطريق في ردِّها واضحة، وأنت من أنصار الله ورسوله، محامٍ عن أصل الرسالة، وعمَّا جاء به الرَّسول، جازمٌ له بعقلك، لا تعارض خبره بعقلك! وهذا في غاية الظهور بحمد الله.

ولولا خشية الإطالة لذكرنا ما ذكره من الشُّبه العقلية القادحة في إثبات الصَّانع ورسالة رسله وفي اليوم الآخر، وفي الشُّبه القادحة في علوِّه على خلقه وصفاته وكلامه ورؤيته، وعرضنا عليك الجميع، ثم إليك الوزن. يوضحه:

الوجه الثَّالث والثلاثون: وهو أن أرباب تلك الشُّبه إنما استطالوا على النُّفاة والجهمية بما ساعدوهم عليه من تلك الشُّبه، وقالوا: كيف يكون


(١) «ح»: «ما». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «فيقول من». والمثبت من «م».
(٣) يقال: ثلجت نفسي بالأمر: إذا اطمأنت إليه وسكنت ووثقت به. «تاج العروس» (٥/ ٤٤٨).