للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهدوا أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبرهم أنَّ هذا القرآن كلام الله الذي تكلَّم به، لا كلامه، ولا كلام مخلوقٍ، وأنه ليس قول البشر، وأنه أَعلَمَهم أن ربَّه فوق سماواته على عرشه، وأن الملَك نزل من عنده إليه، ثم يَعرُج إلى ربِّه، وأن ربَّه يسمع ويرى، ويتكلَّم ويُنادي، ويُحِبُّ ويُبغِض، ويرضى ويَغضَب، وأن له يدَيْن ووجهًا، وأنه يعلم السِّرَّ وأخفى، فلا يخفى عليه خافيةٌ في السَّماء ولا في الأرض، وأنه يُقيمهم من قبورهم أحياءً بعدما مزَّقهم البِلَى إلى دار النَّعيم أو إلى الجحيم، فالعلم الضَّروري بأنه جاء بذلك وأراده كالعلم الضَّروري بوجوده ومبعثه ومخرجه وقتاله لمَن خالفه، فالقَدْح فيما أَخبر به من ذلك وأنه لا يُفيد اليقين كالقدح في مُخْبَر الأخبار المتواترة وأنه لا يُفيد اليقين.

الوجه الحادي والعشرون: أن كل صِنْفٍ من أصناف العلماء تكفَّلوا بعلمٍ من العلوم المنقولة عن الرَّسول، متَّفقون على أكثر علمهم مسائله ودلائله.

فالفقهاء [ب ٨٢ أ] متَّفقون على غالب الشَّريعة عامِّها وخاصِّها، وهم متفقون على أكثر خاصِّها الذي لا يَعرِفه العامَّة، وإذا كانوا قد عرفوا مراده بهذا فكيف لا يعرفون مراده بالذي هو أظهر وأشهر وأكثر نصوصًا وأعظم بيانًا؟!

والمفسِّرون فسَّروا القرآن، واتفقوا على المراد منه في غالب القرآن، ونزاعهم في القليل من ذلك، وأكثره عند التحقيق ليس نزاعًا في نفس الأمر؛ بل هو اختلاف في التَّعبير، واختلاف تمثيلٍ وتنويعٍ، لا اختلافُ تناقضٍ ولا تضادٍّ.