للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حسًّا بإصبعه بمشهد الجَمْع الأعظم (١)، وقبل ممَّن شهد لها بالإيمان الإشارة الحسية إليه (٢)، فإمَّا أن يقال: إنه يقبل الإشارة المعنوية فقط، أو لا (٣) يقبلها أيضًا كما لا يقبل الحسية، فإن لم يقبل هذه ولا هذه فهو عدمٌ محضٌ، بل العدم المقيد المضاف يقبل الإشارة المعنوية.

وإن قيل: يقبل الإشارة المعنوية دون الحسية، لزم أن يكون معنًى من المعاني، لا ذاتًا خارجية؛ وهذا ممَّا لا حيلة في دفعه. فمن أنكر جواز الإشارة الحسية إليه فلا بد له من أحد أمرين: إمَّا أن يجعله معدومًا، أو معنًى من المعاني، لا ذاتًا قائمة بنفسها.

فصل

الطريق السادس عشر (٤): أن من أعجب العجب أن هؤلاء الذين فرُّوا


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨) عن جابر - رضي الله عنه - في خطبة حجة الوداع.
(٢) أخرج ابن خزيمة في كتاب «التوحيد» (١/ ٢٨٣ - ٢٨٤) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤٩٩١) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (١/ ١٩٤) عن أبي هريرة «أن محمد بن الشريد جاء بخادم سوداء غتماء إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله، إن أمي جعلت عليها عتق رقبة مؤمنة. فقال: يا رسول الله، هل يجزئ أن أعتق هذه؟ فقال رسول الله للخادم: أين ربك؟ فرفعت رأسها، فقالت: في السماء. فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. فقال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة». وقال الذهبي في «العرش» (٢/ ٢٦): «هذا حديث حسن، رواه القاضي أبو أحمد العسال في كتاب «المعرفة» له». وقد روي حديث الجارية من وجوهٍ كثيرةٍ، ينظر: «التوحيد» لابن خزيمة (١/ ٢٨٤ - ٢٨٩).
(٣) «ح»: «ولا». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «السابع عشر». وهذا هو الوجه الثالث والستون بعد المائة.