للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآخرًا على توفيقنا له وتعليمنا إيَّاه (١):

إن كل شُبهةٍ من شُبه أرباب المعقولات عارضوا بها الوحي فعندنا ما يبطلها بأكثر من الوجوه التي أبطلنا بها معارضة شيخ القوم، وإن مدَّ الله في الأجل أفردنا في ذلك كتابًا كبيرًا. ولو نعلم أن في الأرض من يقول ذلك ويقوم به تبلغ إليه أكباد الإبل لاقتدينا بالمسير إليه بموسى في سفره إلى الخضر، وبجابر بن عبد الله في سفره إلى عبد الله بن أُنيسٍ لسماع حديث واحد (٢)، ولكن أزهد النَّاس في عالمٍ قومه.

وقد قام قبلنا بهذا الأمر من برّز به على أهل الأرض في عصره وفي الأعصار قبله، فأدرك مَن قبله وحيدًا، وسبق مَن بعده سبقًا بعيدًا (٣)، واستنقذ النصوص من أيدي الملحدين، ونفى عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وجعل ملوك أرباب المعقولات المعارضين لها أسرى في أيدي المسلمين، وأخذ عليهم بمجامع الطُّرق حتى لم يبق لهم مددٌ ولا كمين، فجرى عليه من تلامذة هذا الشيخ وأتباعه من الجاهلين والمعاندين والمعطلين ما جرى على من قام مقامه على مرِّ السنين.

مَضَوْا وَمَضَى ثُمَّ الْتَقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ ... فَأَخَّرَهُمْ لِلْحُكْمِ يَوْمَ التَّخَاصُمِ (٤)


(١) أي: توفيقنا لهذا القول وتعليمنا إياه.
(٢) علقه البخاري في «الصحيح» (١/ ٢٦). ووصله الإمام أحمد (١٦٢٨٨) والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٠) والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٤٣٧، ٤/ ٥٧٤) وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد.
(٣) يعني: شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.
(٤) لم نقف على قائله.