للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا يهرب المخلوق منها عند الأذان حتى لا يسمعه (١)، والأرض تبتهج بذلك وتفرح به، وتشهد به لصاحبه يوم القيامة (٢).

ويكفي في فضل المخلوق من الأرض على المخلوق من النَّار أن الله سبحانه خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلَّمه أسماء كل شيءٍ، فهل حصل للمخلوق من النَّار واحدة من هذه؟!

فقد تبيَّن لك حال هذه المعارضة العقلية للسمع وفسادها من هذه الوجوه وأكثر (٣) منها، وهي من شيخ القوم ورئيسهم ومعلِّمهم الأول، فما الظنُّ بمعارضة التلامذة؟!

ونحن نقول قولًا نُقدِّم بين يديه مشيئة الله وحوله، والاعتراف بمِنَّته علينا، وفضله لدينا، وأنه محض منَّته وجوده وفضله، فهو المحمود أولًا


(١) أخرج البخاري (٦٠٨) ومسلم (٣٨٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين».
(٢) أخرج البخاري (٦٠٩) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يسمع مدى صوت المؤذِّن جنٌّ ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلَّا شهد له يوم القيامة».
وأخرج الإمام أحمد (٩٣٢٨) وأبو داود (٥١٥) والنسائي (٦٤٥) وابن ماجه (٧٢٤) وابن خزيمة (٣٩٠) وابن حبان (١٦٦٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذن يُغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطبٍ ويابسٍ». وقال ابن حجر في «نتائج الأفكار» (١/ ٣١٢): حديث حسن.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، ينظر: «البدر المنير» (٣/ ٣٨٠ - ٣٨٧) و «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٧١ - ٥٧٣).
(٣) «ح»: «وأكثره». والمثبت من «م».