للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلبس النُّفاة المعطلة هذا بهذا، فاضطرهم اللبس إلى كتمان الحق والتكذيب به والتصديق بضده، وإذا أردت معرفة هذا فامتحنه في مسائلهم ودلائلهم وكلماتهم المجملة الألفاظ المشتبهة المعاني. وبالله التوفيق. يوضحه:

الوجه الحادي والثلاثون بعد المائة: أنه ما من حقٍّ وباطلٍ إلَّا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه، ولو في أصل الوجود، أو في أصل الإخبار، أو في مجرد المعلومية، بأن يكون هذا معلومًا مذكورًا، وهذا معلومًا مذكورًا، ولكل واحدٍ منهما خصائص يتميز بها عن الآخر.

فأحظى الناس بالحقِّ وأسعدهم به الذي يقع على الخصائص المميزة الفارقة، ويلغي القدر المشترك، فيحكم بالقدر الفارق على القدر المشترك ويفصله به.

وأبعدهم عن الحقِّ والهُدى من عكس هذا السير، وسلك ضدَّ هذه الطريق، فألغى الخصائص الفارقة، وأخذ القدر المشترك، وحكم به على القدر الفارق.

وأضَلُّ منه مَن أخذ خصائص كل من النوعين، فأعطاها للنوع الآخر.

فهذان طريقا أهل الضلالة اللتان يرجع إليهما جميع شُعب ضلالهم وباطلهم.

مثال ذلك: أن أعداء الرسل المكذبين لهم الجاحدين لما جاؤوا به من الحق لمَّا أرادوا تلبيس الحق الذي جاؤوا به بالباطل، أخذوا بينه وبين الباطل قدرًا مشتركًا، ثم ألغوا القدر الفارق، وما اختص به أحد النوعين، فقالوا: هذا