للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسمائه فإن وصفه له بأنه ليس كمثله شيءٌ مجازٌ لا حقيقة له، كما يقول في سائر أوصافه وأسمائه. ولهذا قال من قال من السَّلَف: إن النُّفاة جمعوا بين التشبيه والتعطيل (١)، فسمَّوْا تعطيلهم تنزيهًا، وسمَّوْا ما وصف به نفسه تشبيهًا، وجعلوا ما يدلُّ على ثبوت صفات الكمال وكثرتها دليلًا على نفيها وتعطيلها، وراج ذلك على من لم يجعل الله له نورًا، واغترَّ به من شاء الله، وهدى الله من اعتصم بالوحي والعقل والفطرة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

الوجه التَّاسع (٢) والسبعون: أنه سبحانه وصف نفسه بأن له المثل الأعلى، فقال تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ اُلسَّوْءِ وَلِلَّهِ اِلْمَثَلُ اُلْأَعْلَى وَهْوَ اَلْعَزِيزُ اُلْحَكِيمُ} [النحل: ٦٠]. وقال تعالى: {وَهْوَ اَلَّذِي يَبْدَأُ اُلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهْوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ اُلْمَثَلُ اُلْأَعْلَى فِي اِلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ وَهْوَ اَلْعَزِيزُ اُلْحَكِيمُ} [الروم: ٢٦].

فجعل مَثَل السَّوء المتضمن للعيوب والنقائص وسلب الكمال للمشركين وأربابهم، وأخبر أن المثل الأعلى المتضمن لإثبات الكمالات كلها له وحده. وبهذا كان المثل أعلى (٣)، وهو أفعل تفضيلٍ، أي: أعلى من غيره، فكيف يكون أعلى وهو عدمٌ محضٌ ونفيٌ صرفٌ، وأيُّ مَثَلٍ أدنى من هذا؟! تعالى الله عن قول المعطلين علوًّا كبيرًا.


(١) وتقدم بيان المصنِّف لهذا المعنى في الفصل الثامن (ص ٧٣ - ١٠٦).
(٢) كتب الناسخ بحاشية «ح»: «هكذا في الأصل». فقد انتقل من الثاني والسبعين إلى التاسع والسبعين مباشرة، فلم يذكر من الثالث والسبعين إلى الثامن والسبعين.
(٣) «ح»: «الأعلى». والمثبت من «م».