للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلقه به: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (١)؟ ومعلومٌ أن هذا الثناء الذي أخبر أنه لا يُحصيه لو كان بالنفي لكان هؤلاء أعلم به منه، وأشد إحصاءً له، فإنهم نفوا عنه حقائق الأسماء والصفات نفيًا مفصَّلًا، وذلك ممَّا يُحصيه المُحصي بلا كُلفةٍ ولا تعبٍ، وقد فصَّله النُّفاة وأحصوه وحصروه. يوضحه:

الوجه الثَّاني والسبعون: أن الله سبحانه إنما نفى عن نفسه ما يُناقض الإثبات ويُضاد ثبوت الصِّفات والأفعال، فلم ينفِ إلَّا أمرًا عدميًّا أو ما يستلزم العدم، فنفى السِّنَة والنوم المستلزم لعدم كمال الحياة والقيومية.

ونفى العُزُوب والخفاء المستلزم لنفي كمال العلم.

ونفى اللغوب المستلزم نفي كمال القدرة.

ونفي الظلم المستلزم لنفي كمال الغنى والعدل.

ونفى العبث المستلزم لنفي كمال الحكمة والعلم.

ونفى الصَّاحبة والولد المستلزمَينِ لعدم كمال الغنى.

وكذلك نفى الشَّريك والظَّهير والشَّفيع المتقدِّم بالشفاعة المستلزم لعدم كمال الغنى والقهر والملك.

ونفى الشبيه والمثيل والكفؤ المستلزم لعدم التفرد بالكمال المطلق.

ونفى إدراك الأبصار له وإحاطة العلم به المستلزمَينِ لعدم كمال عظمته وكبريائه وسَعته وإحاطته.


(١) أخرجه مسلم، وقد تقدم تخريجه.