للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قال: هي لا تفيد اليقين في نفسها، وليست موضعًا لذلك.

فهذا غاية البهت والإلحاد، يُوضِّحه:

الوجه الثَّاني والستون: أن يُقال لهم: ما تريدون بهذا النفي؟ أتريدون بالأدلة اللفظية جنس كلام بني آدم الدَّال على مرادهم في الخطاب والتصنيف وغيره أو كلام الله ورسوله؟

وهل مرادكم بهذا السلب أن شيئًا منها لا يُفيد اليقين، أو أن مجموعها لا يفيده، وإن أفاده بعضها؟

وهل المراد أنه لا يستفيد أحدٌ منها اليقين البتَّةَ، أو أن النَّاس كلَّهم لا يستفيدون منها اليقين بل يستفيده بعضهم دون البعض؟

وهل المراد أنها (١) لا تفيد اليقين بمراد المتكلِّم بها، أو لا تفيد اليقين بثبوت ما أخبر بثبوته ونفي ما أخبر بنفيه، وإن تيقنَّا مراده، فهما مقامان والفرق بينهما معلوم.

فهذه ثمانية تقادير، فبيِّنوا مرادَكم منها، فإن أحدًا من العقلاء لا يمكنه أن ينفي حصول اليقين منها على هذه التقادير كلها.

وإذا كان المراد نفي اليقين على بعض التقادير المذكورة فبيِّنوه بالدعوى؛ ليتوارد النفي والإثبات على محلٍّ واحدٍ.

والظَّاهر ـ والله أعلم ـ أنكم تريدون أن كلام الله ورسوله لا يُستفاد منه علمٌ ولا يقين في باب معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وإثبات ملائكته


(١) «ح»: «بها».