للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة مَن أُنزل عليه: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] وشهد به عليهم نصوص الكتاب والسُّنَّة، وشهد به عليهم أدلة العقول الصريحة الموافقة للنصوص.

فهل عندهم مثل هؤلاء الشهود على صحة العقل الذي عارضوا به نصوص الأنبياء؟! نعم شهودهم أرسطو وأفلاطون وفيثاغورس وابن سينا والفارابي وجهم بن صفوان وأبو الهُذَيْل العلَّاف والنظَّام، وأوقاح الجهمية والمعتزلة، وأفراخ الصَّابئين والمجوس.

ومن تعارضت عنده هذه البينات فلا (١) ننكر له أن يتعارض عنده العقل [ق ٤٩ أ] والنقل، وأن يقدِّم العقل على النقل.

الوجه الثَّامن والعشرون: أن أصحاب القرآن والإيمان قد شهد الله لهم ـ وكفى به شهيدًا ـ بالعلم واليقين والهدى، وأنهم على بصيرةٍ وبينةٍ من ربهم، وأنهم هم أولو العقول والألباب والبصائر، وأن لهم نورًا على نورٍ، وأنهم المهتدون المفلحون. قال تعالى في حقِّ الذين يؤمنون بالغيب ولا يعارضونه بعقولهم وآرائهم: {الم ذَلِكَ اَلْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (١) اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ اَلصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٢) وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ١ - ٤].

وقال: {وَيَرَى اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْعِلْمَ اَلَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ اَلْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ اِلْعَزِيزِ اِلْحَمِيدِ} [سبأ: ٦]. وهذا دليلٌ ظاهرٌ أن الذي نراه


(١) «ح»: «ولا».