للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اَلْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَد جَّاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اِللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي اِلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ اَلْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام: ١٥٦ - ١٥٨]. وقال تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ} [النساء: ١٦٤]. وكيف تقوم الحجة بكلامٍ يخالف صريح العقل؟ وحينئذٍ فنقول في:

الوجه الثَّاني والمائة: إن الله سبحانه ضمن الهُدى والفلاح لمن اتبع القرآن، والضلال والشقاء لمن أعرض عنه، فكيف بمن عارضه (١) بمعقولٍ أو رأيٍ، أو حقيقةٍ باطلةٍ، أو سياسةٍ ظالمةٍ، أو قياسٍ إبليسيٍّ، أو خيالٍ فلسفيٍّ ونحو ذلك؟ قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى (١٢٠) فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقى (١٢١) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَعْمى (١٢٢) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٣) * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اَلْيَوْمَ تُنسى} [طه: ١٢٠ - ١٢٤] فضمن سبحانه لمن اتبع هداه ـ وهو كلامه ـ الهُدى في الدنيا والآخرة، والسعادة في الدنيا والآخرة.

فهاهنا أمران: طريقٌ وغايةٌ. فالطريق: الهُدى، والغاية: السعادة والفلاح. فمن لم يسلك هذه الطريق لم يصل إلى هذه الغاية، والله سبحانه قد أخبر أن كتابه الذي أنزله هو الهُدى والطريق، فلو كان العقل الصريح يخالفه (٢) لما كان طريقًا إلى الفلاح والرشد.


(١) «ح»: «عارض».
(٢) «ح»: «يخالفهم».