للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورحمته وغضبه ورضاه وفرحه وضحكه، ويديه (١) اللتين (٢) يمسك بإحديهما السماوات السبع وبالأخرى الأرضين السبع ثم يهزهن، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، ونحو ذلك من صفات كماله ونعوت جلاله= كيف يجعل هذا بمنزلة ذاك في مخالفة كلٍّ منهما لصريح العقل، ويجعل إثبات هذا كإثبات ذلك، ووصفه بهذا كوصفه بذاك كما صرَّح به النُّفاة، وقالوا: إن هذا تشبيهٌ وتجسيمٌ، فلا فرق بينه وبين ذاك التشبيه والتجسيم؟ فلْيَبْكِ على عقله وما أُصيب به من سوَّى بين الأمرين، أحسن الله عزاءه في عقله، ولا بورك له في علمٍ هذه غايته التي لا يرضاها أعظم النَّاس انغماسًا في جهله!

الوجه العشرون: أنه لا يُعلم آيةٌ من كتاب الله ولا نصٌّ صحيحٌ عن رسول الله في باب أصول الدِّين اجتمعت الأُمة على خلافه، وغاية ما يقدر اختلاف الأمة في القول بموجبه. ومن (٣) له خبرة بمذاهب النَّاس وأقوال السلف يعلم قطعًا أن الأُمة أجمعت على القول به قبل ظهور المخالف، كما أجمعت بأن الله مستوٍ على عرشه فوق سماواته، وأن المؤمنين يرونه عيانًا بالأبصار من فوقهم في الجنة، وأنه سبحانه كلَّم نبيه موسى منه إليه بلا واسطة تكليمًا سمع به كلامه، ولم يشكَّ أنه هو الذي كان يكلمه، وأنه كتب مقادير الخلائق وقدَّرها قبل أن يخلقهم، وأنه علم ما هم عاملوه قبل أن يعملوه [ق ٤٧ ب] وأنه يُحبُّ ويبغض، ويرضى ويغضب، ويضحك ويفرح، وأن له وجهًا ويدَينِ.


(١) زيادة يستقيم بها السياق.
(٢) «ح»: «التي».
(٣) «ح»: «ولا فيمن».