للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع (١) عشر

في أن التأويل يعود على المقصود من (٢) وضع اللغات بالإبطال

لمَّا جعل الله سبحانه نوع الإنسان يحتاج بعضُه إلى بعضٍ، فلا يمكن الإنسانَ (٣) أن يعيش وحده، بل لا بد له من مشاركٍ ومعاوِنٍ من بني جنسه، كما قيل: الإنسان مدني بالطبع، وكان لا يعرف كل منهم ما يريد صاحبُه من الأفعال والتُّروك إلَّا بعلامة تدل على ذلك، وتلك العلامة إمَّا تحريك جسمٍ من الأجسام المنفصلة عنه، أو تحريك بعض أعضائه، فيجعل لكل معنًى حركة خاصة، ومعلوم أن في الأول من العُسر والمشقة وعدم الإحاطة بالتعريف ما يمنع وضعه، فكان تحريك الأعضاء أسهل وأدلَّ وأعمَّ، وكانت حركة الأعضاء نوعين، نوعٌ للبصر ونوعٌ للأذن، والذي للأذن أعم، والإنسان إليه أحوج. وكان أولى هذه الأعضاء بأن يجعل حركاتها (٤) دالةً مُعَرِّفةً هو اللسان (٥)؛ لأن حركته أخف وأسهل، وتنوُّعها أعظم وأكثر من تنوع حركة غيره، وترجمته عمَّا (٦) في القلب أظهرُ من ترجمة غيره، ويتمكن المعرِّف بحركاته (٧) من حركات مفردة ومؤلفة، يحصل بها من الفرق والتمييز ما


(١) «ح»: «الثالث».
(٢) «ح»: «في».
(٣) «الإنسان» ليس في «ب».
(٤) «ح»: «حركته».
(٥) «ح»: «وهو الإنسان». وهو تحريف.
(٦) «ح»: «كما». وهو تحريف.
(٧) «ح»: «وتمكن المعروف لحركاته». وهو تحريف.