للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يحصل بغيره (١) = كان (٢) أقربُ الطرق إلى هذا المقصد (٣) هو الكلامَ الذي جعله الله سبحانه في اللسان، وجعله دليلًا على ما في الجَنان، وجعل ذلك من دلائل ربوبيته ووحدانيته وكمال علمه وحكمته.

قال الله (٤) تعالى: {اِلرَّحْمَنُ عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ (١) خَلَقَ اَلْإِنسَانَ عَلَّمَهُ اُلْبَيَان} [الرحمن: ١ - ٢] وقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ اُلنَّجْدَيْنِ} [البلد: ٨ - ١٠].

وقال الشاعر (٥):

إِنَّ الْبَيَانَ مِنَ الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا

هكذا قال الشاعر هذا البيت، وهكذا هو (٦) في «ديوانه»، قال أبو البيان (٧): أنا رأيته في «ديوانه» (٨) كذلك، فحرَّفه عليه بعض النُّفاة وقالوا:


(١) «ح»: «لغيره».
(٢) جواب «لما» الواردة في أول الفصل.
(٣) «ح»: «القصد».
(٤) «ب»: «فقال».
(٥) نُسب هذا البيت إلى الأخطل، نسبه إليه ابن عصفور في «شرح الجمل» (ص ٨٥) وابن هشام في «شرح الشذور» (ص ٣٥). والبيت ليس في «ديوان الأخطل»، إنما ألحقه محقق «الديوان» مما نسب إليه (ص ٥٠٨).
(٦) «هو» ليس في «ح».
(٧) هو الشيخ نبأ بن محمد بن محفوظ الشافعي (ت ٥٥١ هـ) شيخ الطريقة البيانية، ترجمته في «معجم الأدباء» لياقوت (٦/ ٢٧٤٢) و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (٢٠/ ٣٢٦).
(٨) كان أبو البيان ينشد هذا البيت لابن صمصام الرقاش بلفظ:
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ لِمَا يَقُولُ رَسُولَا

في تسعة أبيات، وينكر نسبته إلى الأخطل أصلًا، ويقول: «من زعم أن هذا الشعر للأخطل التغلبي فقد أخطأ». نقله عنه اليونيني في «ذيل مرآة الزمان» (٣/ ١٨٩). وقال ابن قدامة في «البرهان» (ص ١٥٢): «سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشاب - رحمه الله -، وكان إمام عصره في العربية ـ يقول: قد فتشت دواوين الأخطل العتيقة فلم أجد هذا البيت فيها».