للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير مفيدٍ لليقين. وقد كشف سبحانه حال الفريقين بقوله: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ اَلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا اُلْأَلْبَابِ} [الرعد: ٢١] وقال: {* مَثَلُ اُلْفَرِيقَيْنِ كَاَلْأَعْمَى وَاَلْأَصَمِّ وَاَلْبَصِيرِ وَاَلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ} [هود: ٢٤].

الوجه الثَّالث والسبعون: أن أدلة القرآن والسُّنَّة ـ التي يُسمِّيها هؤلاء الأدلة اللفظية ـ نوعان:

أحدهما: يدل بمجرد الخبر.

والثَّاني: يدل بطريق التنبيه والإرشاد على الدليل العقلي.

والقرآن مملوءٌ من ذكر الأدلة العقلية التي هي آيات الله الدَّالة عليه وعلى ربوبيته ووحدانيته وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته. فآياته العيانية المشهودة في خلقه تدل على صدق النوع الأول، وهو مجرد الخبر، فلم يتجرد إخباره سبحانه عن آيات تدلُّ على صدقها، بل قد بيَّن لعباده في كتابه من البراهين الدَّالة على صدقه وصدق رسوله ما فيه شفاءٌ وهدًى وكفايةٌ.

فقول القائل: «إن تلك الأدلة لا تُفيد اليقين» إن أراد به النوع المتضمن لذكر الأدلة العقلية العيانية؛ فهذا من أعظم البَهت والوقاحة والمكابرة، فإن آيات الله التي جعلها أدلةً وحُجَجًا على وجوده ووحدانيته وصفات كماله إن لم تُفد (١) يقينًا لم يُفد دليلٌ بمدلولٍ أبدًا.

وإن أراد به النوع الأول الدَّال بمجرد الخبر فقد أقام (٢) الله سبحانه


(١) «ح»: «يعد». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «قام». والمثبت من «م».