للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستفيدوا منه معرفة الحق، بل إنما حصلوا على اعتقاد الباطل، فأي مُعاداةٍ لما جاء به الرَّسول أعظم من هذه؟!

الوجه السَّادس والثلاثون: أن الرجل إمَّا أن يكون مقرًّا بالرُّسل، أو جاحدًا لرسالتهم. فإن كان منكرًا فالكلام معه في تثبيت النُّبوة، فلا وجه للكلام معه في تعارض العقل والنقل، فإن تعارضهما فرع الإقرار بصحة كل واحدٍ منهما لو تجرَّد عن المُعارِض. فمن لم يُقرَّ بالدليل العقلي (١) لم يخاطَب في تعارض الدليل العقلي والشرعي، وكذلك من لم يُقرَّ بالدليل الشرعي لم يخاطَب في هذا التعارض. فمن لم يُقرَّ بالأنبياء لم يستفد (٢) من خبرهم دليلًا شرعيًّا، فهذا يُتكلَّم معه في إثبات النُّبوات أولًا.

وإن كان مقرًّا بالرسالة فالكلام معه في مقامات:

أحدها: صدق الرَّسول فيما أخبر به، فإن أنكر ذلك أنكر الرسالة والنُّبوة، وإن زعم أنه مقرٌّ بهما، وأن الرُّسل خاطبوا الجمهور بخلاف الحقِّ تقريبًا إلى أفهامهم، ومضمون هذا أنهم كَذَبوا للمصلحة، وهذا حقيقة قول هؤلاء، وهو عندهم كذبٌ حسنٌ. وإن أقرَّ بأنه صادقٌ فيما أخبر به فالكلام معه في:


(١) بعده في «ح»: «لم يخاطب في الدليل». وهي عبارة زائدة.
(٢) «ح»: «يسند».