للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن، وأن الاسم يَدُلُّ على المسمَّى في لغة العرب؛ لم يتوقف في العلم بدلالة هذه الأسماء على الربِّ سبحانه على معرفته بأن الاسم مشتقٌّ من السمو أو من السِّمة، والاختلاف بين البصريين والكوفيين في ذلك، ومعرفة أرجح القولَيْنِ؛ فإن جماهير أهل الأرض يعرفون أن الله اسم لذات الخالق فاطر السماوات والأرض، ولا يعرفون تصريف الاسم واشتقاقَه. وأمَّا الإعراب فهؤلاء العامة يجزمون ويتيقَّنون مراد مُكلِّمهم بكلامه، ولا يتوقف ذلك على معرفتهم بوجوه الإعراب.

فإن قلت: إنما كلامنا في كلام العرب الفُصحاء الذين يتوقَّف فَهْمُ معاني كلامهم على الإعراب.

قيل: ما يتوقف عليه فَهْمُ كلامهم من الإعراب سجيَّة وطبيعة لهم، وأمَّا مَن بعدهم فقد نُقِلَ إلينا ذلك نقلًا متواترًا عنهم، كما نُقِلَ إلينا معاني مفردات ألفاظهم.

الوجه الثَّاني والثلاثون: قولك: «إن ذلك يتوقف على نفي التخصيص والإضمار»؛ فهذا لا يُحتاج إليه في فَهْم معاني الألفاظ المفردة، فإنها تدلُّ على مُسمَّاها دلالةَ سائر الألفاظ على معانيها، كدلالة الأعلام ولفظ العدد وأسماء الأزمنة والأمكنة والأجناس على موضوعاتها.

واحتمال كون اللفظ العامِّ خاصًّا كاحتمال كون اللفظ الذي له حقيقة مستعملًا في غير حقيقته، وهذا منفيٌّ بالأصل، ولا يُحتاج في فَهْمِ ما هو جارٍ على أصله إلى أن يُعلم انتفاء الدليل الذي يُخرجه عن أصله، وإلَّا لم يفهم مدلول لفظ أبدًا لجواز أن يكون خرج عن أصل موضوعه بنَقْلٍ أو مجازٍ أو