للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطربات، ومعاشرة الصور المستحسَنات. وذلك لخُلُوِّ قلبه عن حقائق العلم والإيمان الذي بعث الله به رسوله، فلم يصل إليه، ولا وصل من طرق أصحابه إلَّا إلى الشك والحَيْرة. فهؤلاء هم الذين عناهم الله سبحانه بقوله: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا اَلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى اَلْأَنفُسُ} [النجم: ٢٣] فعلومهم ظنون {وَإِنَّ اَلظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ اَلْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: ٢٨] وإرادتهم هوى نفوسهم، وعلومهم تدعو إلى إرادتهم، وإرادتهم تدعو إلى علومهم، فإن اتِّباع الهوى يصدُّ عن الحقِّ، ويضل عن سبيل الله، فتولَّوْا عن القرآن، وآثروا عاجل الدنيا. وهؤلاء الذين أمر الله رسوله بالإعراض عنهم بعد إقامة الحُجة عليهم، فقال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا اَلْحَيَاةَ اَلدُّنْيا (٢٨) ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ اَلْعِلْمِ} [النجم: ٢٨ - ٢٩].

الوجه الخامس والعشرون: أن الله سبحانه لمَّا أَهبَطَ الأبوَينِ من الجنة عَهِدَ إليهما عهدًا تناولهما وتناول ذريتهما إلى يوم القيامة، وضمن لمَن تمسَّك بعهده أنه لا يَضِلُّ ولا يشقى، ولمَن أَعرَضَ عنه الضلال والشقاء؛ فقال تعالى: {قَالَ اَهْبِطَا (١) مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (٢) فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى (١٢٠) فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقى (١٢١) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَعْمى (١٢٢) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٣) * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اَلْيَوْمَ تُنسى} [طه: ١٢٠ - ١٢٤]. قال ابن عباسٍ: «تكفَّل الله لمَن قرأ القرآن


(١) «ح»: «قلنا اهبطوا».
(٢) {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} ليس في «ح».