للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبصِر ويرى من غير مباينة للمرئي المُبصَر ولا مقابلة (١) له. فكانت فحولهم أقرب إلى العقل من هؤلاء وهؤلاء، وإن تناقضوا تناقضًا بيِّنًا، فهم أقرب إلى الوحي بما أثبتوه من الرؤية وأبعد عنه بما نفوه من المباينة والعلو، والطائفتان خارجتان عن حُكْم الوحي والعقل.

فصل

الطريق السابع والعشرون (٢): أن كل من أثبت الصِّفات أو شيئًا منها لزمه إثبات المباينة، وإلَّا (٣) تناقض غاية التناقض، فإن الصِّفات نوعان:

أحدهما: ما له تعلقٌ بالمخلوق، كالقدرة والمشيئة والرحمة والعلم والسمع والبصر.

والثاني: ما لا يتعلق به، كالصفات اللازمة كالحياة والجمال.

وإثبات النوعين يستلزم المباينة. أمَّا النوع الأول فلأن تعلق تلك الصِّفات بمتعلقاتها لا تعقل إلَّا مع ثبوت المباينة بينهما وبين تلك المتعلقات، كمباينة العلم للمعلوم، والقدرة للمقدور، والسمع للمسموع. فلو قيل: صفة السمع ليست مباينة للمسموع، كان مكابرةً وردًّا لأوائل العقول وبدائهها. وإذا لزم من تحقق الصفة وإمكان تعلقها بمتعلقها مباينتها له، فهذه المباينة تابعة لمباينة الذات، فإن الصفة لا تقوم بنفسها، فإذا باين العلم والسمع والبصر والقدرة والإرادة لمتعلقاتها بمعنى انفصالها عنه،


(١) «ح»: «مقابلته».
(٢) «ح»: «الثامن والعشرون». وهذا هو الوجه الرابع والسبعون بعد المائة.
(٣) «ح»: «ولا».