للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولولا الإطالة لذكرنا ذلك على التفصيل، وقد تقدَّمَت الإشارة إلى اليسير منه (١). ويجب على المسلم الذي لله ولكتابه وقارٌ وعظمةٌ في قلبه أن يعتقد هذا، وإن لم يظهر له تفصيله، فإذا ظهر له تفصيله كان نورًا على نور؛ فإن الله سبحانه أقام الحجَّة على الخَلْق بكتابه ورسوله، فلا يمكن أن يكون فيهما ما يَظهر منه خلاف الحق، ولا ما يُخالف العقل، ولا يمكن أن يُحيل الرَّسول النَّاس في الهدى والعلم وصفاته وأفعاله على ما يناقض كلامه من عقلياتهم. وهذا واضح ولله الحمد.

الوجه الثلاثون: أن قول القائل: «الأدلة اللفظية موقوفةٌ على هذه المقدمات»؛ أتريدُ به أن كلَّ دليلٍ منها يقف على مجموع [ب ٨٨ أ] الأمور العشرة، أم تريد به أن جنسها يقف على جنس هذه العشرة؟!

فإن أردت الأول فهو مكابرةٌ ظاهرةٌ يَرُدُّها الواقع، فإن جمهور النَّاس يعلم مدلول الكلام من غير أن تخطر هذه العشرة أو شيءٌ منها بباله. وإن أردت الثَّاني فالأدلة العقلية تتوقَّف على ما به مقدمة أو أكثر بهذا الاعتبار، فإنه [ما] (٢) من مسألةٍ عقليةٍ إلَّا وهي متوقفة على مقدِّمات غير المقدِّمات التي يتوقَّف عليها مسألةٌ أخرى؛ فما يتوقف عليه دلالة الدليل لا ضابِطَ له، وإنما هو أمرٌ نسبيٌّ إضافيٌّ.

الوجه الحادي والثلاثون: أن حكمك بتوقف دلالة الدليل على معرفة الإعراب والتصريف خطأٌ ظاهرٌ، فإن مَن عَرَف أن لله الأسماء الحسنى


(١) تقدم (ص ٢٥٥).
(٢) سقط من «ب».