للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاس لا يُشفى بما يصفه الطبيب، بل يكون استعماله لما يصفه سببًا من أسباب هلاكه، وأن [من] (١) أسباب الموت أغلاط الأطباء، فكم لهم من قتيلٍ أسكنوه المقابر بغلطهم وخطئهم، وإن كان خطأُ الطبيب إصابةَ المقادير.

وكيف لا يسلك هذا المسلك مع الرُّسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ وهم الصَّادقون المَصْدُوقون، ولا يجوز أن يكون خبرهم على خلاف ما أخبروا به، والذين عارضوا أقوالهم بعقولهم عندهم من الجهل والضلال المركب والبسيط ما لا يُحصيه إلَّا من هو بكل شيءٍ محيطٌ.

الوجه السَّادس عشر: أن يُقال: تقديم العقول على الأدلة الشرعية ممتنعٌ متناقضٌ، وأمَّا تقديم الأدلة الشرعية فهو ممكنٌ مؤتلفٌ، فوجب الثَّاني، وامتنع الأول.

بيانه: أن كون (٢) الشيء معلومًا بالعقل أو غير معلومٍ بالعقل ليس هو صفة لازمة لشيءٍ من الأشياء، بل هو من الأمور النسبية الإضافية، فإن زيدًا قد يعلم بعقله ما لا يعلمه [بكر] (٣) بعقله، وقد يعلم الإنسان في حال تعقُّله ما يجهله في وقتٍ آخر.

والمسائل التي يُقال قد تعارض فيها العقل والشرع جميعًا قد اضطرب فيها أرباب العقل، ولم يتفقوا فيها على أمرٍ واحدٍ، بل كلٌّ منهم يقول: إن


(١) سقط من «ح».
(٢) «ح»: «يكون». والمثبت من «درء التعارض» (١/ ١٤٥).
(٣) «ح»: «ممكن». والمثبت من «درء التعارض».