للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الطريق التاسع عشر (١): أن الجهمية المعطلة معترفون (٢) بوصفه تعالى بعلو القهر وعلو (٣) القدر، وأن ذلك كمالٌ لا نقصٌ، فإنه من لوازم ذاته؛ فيقال: ما أثبتم به هذين النوعين من العلو والفوقية هو بعينه حجة خصومكم عليكم في إثبات علو الذات له سبحانه، وما نفيتم به علو الذات يلزمكم أن تنفوا به ذينك الوجهين من العلو. فأحد الأمرين لازمٌ لكم ولا بد: إمَّا أن تثبتوا له سبحانه العلو المطلق من كل جهةٍ ذاتًا وقهرًا وقدرًا، وإمَّا أن تنفوا ذلك كله.

فإنكم إذا نفيتم علو ذاته سبحانه بناءً على لزوم التجسيم، وهو لازم لكم فيما أثبتموه من وجهَيِ (٤) العلو؛ فإن الذات القاهرة لغيرها التي هي أعلى قدرًا من غيرها إن لم يُعقل كونها غير جسمٍ لزمكم التجسيم، وإن عُقل كونها غير جسمٍ فكيف لا يُعقل أن تكون الذات العالية على سائر الذوات غير جسمٍ، وكيف لزم التجسيم من هذا العلو ولم يلزم من ذلك العلو؟!

فإن قلتم: لأن هذا العلو يستلزم تميز شيءٍ عن شيءٍ منه.

قيل لكم: في الذِّهن (٥) أو في الخارج؟


(١) «ح»: «العشرون». وهذا هو الوجه السادس والستون بعد المائة.
(٢) «ح»: «مقرنون». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «على». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «وجهين». والمثبت من «م».
(٥) «ح»، «م»: «العالِم». واستظهر ناسخ «م» فكتب على الحاشية: «الذهن». وعليها: ظ. والسياق يدل عليه.