للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفاتهم وأنواعهم، وإذا لم يُفِدِ اليقين في ذلك ـ وهو أعظم أقسام القرآن وأظهرها وأكثرها ورودًا فيه ـ فكيف يُفيد في باب المعاد والأحكام، كما تقدَّم تقريره (١)؟!

الوجه الثَّالث والستون: أنَّ هذا القانون مضمونه جَحْد الرسالة في الحقيقة ـ وإن أقرَّ بها صاحبه بلسانه. بل مضمونه أنَّ تَرْك النَّاس بلا رسولٍ يُرسَل إليهم خيرٌ من أن يُرسَل إليهم رسولٌ، وأنَّ الرُّسل لم يَهتَدِ بهم أحدٌ في أصول الدِّين، بل ضلَّ بهم النَّاس.

وذلك أن القرآن ـ على ما اعتقده أرباب هذا القانون ـ لا يُستفاد منه علمٌ ولا حجةٌ، بل إذا علمنا بعقولنا سببًا اعتقدناه ثم نظرنا في القرآن، فإن كان موافقًا لذلك أقررناه على ظاهره لكونه معلومًا بذلك الدليل العقلي الذي استفدناه به، لا بكون الرَّسول أخبر به. وإن كان ظاهره [ق ٤١ ب] مخالفًا لما عرفنا واستنبطناه بعقولنا اتَّبَعْنا العقل، وسلكنا في السمع طريقة التأويل أو الإعراض والتفويض؛ فأيُّ فائدةٍ حصلت إذن بإخبار الرَّسول؟ بل مضمون ذلك أنَّا حصلنا على العناء الطويل باستخراج وجوه التأويلات المستلزمة، أو التعرض (٢) لاعتقاد الباطل والضلال بحمل الكلام على ظاهره. فكانت الأدلة اللفظية مقتضية لضلال هؤلاء، ولعناء (٣) أولئك، فأين الهدى والشفاء الذي حصل بها لهؤلاء وهؤلاء؟!


(١) تقدم (ص ٣٧٧ - ٣٧٩).
(٢) «ح»: «التعريض».
(٣) «ح»: «والعناء».