للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقل على فساد قول تلك الطَّائفة المخالفة للسمع، فكل طائفة تدعي فساد قول خصومها بالعقل، يُصدِّقهم أهل السمع على ذلك، ولكن يكذبونهم في دعواهم صحة قولهم بالعقل، فقد تضمنت دعوى الطوائف فسادها بفهمٍ من العقل بشهادة بعضهم على بعضٍ، وشهادة أهل الوحي والسمع معهم.

ولا يُقال: هذا ينقلب عليكم باتفاق شهادة الفِرَق كلها على بطلان ما دلَّ عليه السمع، وإن اختلفوا في أنفسهم. لأن المطلوب أنهم كلَّهم متفقون على أن السمع دلَّ على الإثبات، ولم يتفقوا على أن العقل دلَّ على نقيضه، فيمتنع تقديم الدلالة التي لم يُتفق عليها على الدلالة المتفق عليها، وهو المطلوب.

الوجه الخمسون (١): أن نقول (٢): كل ما عارض السمع من العقليات ففساده معلومٌ بالعقل وإن لم يُعارض السمع، فلسنا (٣) متوقفين في إبطاله والعلم بفساده على كونه عارَضَ السمع، بل هو باطلٌ في نفسه، ومعارضةُ السمع له دليلٌ سمعي على بطلانه، فقد اتفق على فساده وبطلانه دليل العقل والسمع، وما كان هكذا لم يصلح أن يُعارَض به عقلٌ ولا سمعٌ. وتفصيل هذه الجملة ببيان شبهة المخالفين للسمع وبيان فسادها ومخالفتها لصريح العقل، وهذا الأمر ـ بحمد الله ـ لم يزل أنصار الرَّسول يقومون به ويتكفلون


(١) كذا في «ح» وكتب على حاشيتها: «هكذا في الأصل». قلت: قد أتبع الوجه السابع والأربعين بالوجه الخمسين مباشرة، ولم يذكر الوجهين الثَّامن والأربعين والتَّاسع والأربعين، فإما أن يكون سقط الوجهان الثَّامن والأربعون والتَّاسع والأربعون، أو يكون ترقيم الوجوه خطأ.
(٢) «ح»: «يقول».
(٣) «ح»: «فليسا».