للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرسلهم، وأوحى إليهم من غيبه ما لم يُطلِع عليه سواهم، وأن نسبة عقول العالمين وعلومهم إليهم أقل بكثيرٍ من نسبة عقول صبيان المكاتب إلى عقول العقلاء، وأن بين ما جاؤوا به من عند الله وبين ما عند هؤلاء كما يدخل الرَّجل إصبعه في اليم، والأمر فوق ذلك. يوضحه:

الوجه الحادي والأربعون: [ق ٥٢ ب] وهو أن يُقال لهؤلاء المعارضين بين العقل ونصوص الوحي: أخبرونا عن خلق هذا النوع الإنساني من قبضة تراب، وعن [رجل] (١) دعا على (٢) قومه ألَّا يَدَعَ الله منهم على الأرض ديَّارًا، فأرسل السماء عليهم، وأنبع الماء من تحتهم من بيت النار حتى علا الماء فوق رؤوس شواهق الجبال علوًّا عظيمًا، ثم ابتلعته الأرض شيئًا فشيئًا حتى عادت يَبَسًا.

وعن رجلٍ دعا على قومه ـ وهم أعظم النَّاس أجسامًا وأشدهم قوةً ـ فأُرسلتْ عليهم بدعوته ريحٌ عاصفٌ، جعلت تحملهم بين السماء والأرض ثم تدق أعناقهم.

وعن أُمةٍ كذَّبت نبيها وسألوه آيةً، فانفلقت صخرةٌ بمحضرٍ لهم، وتمخَّضَت عن ناقةٍ من أعظم النُّوق قائمةً وشكلًا وهيئةً، فلمَّا تمادوا على تكذيبه سمعوا صيحة من السماء قطعت أكبادهم وقلوبهم في أجوافهم، فماتوا موتة رجلٍ واحدٍ.

وعن نارٍ عظيمةٍ أُوقدت برهةً من الدهر، حتى كان الطير يمر عليها من


(١) زدته ليستقيم السياق.
(٢) «ح»: «إلى».