للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخبر سبحانه أن الذين اتبعوا النور الذي أُنزل مع رسوله هم المفلحون لا غيرهم، وقال تعالى: {الم ذَلِكَ اَلْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (١) اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ اَلصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٢) وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ١ - ٤].

وكما جعل سبحانه الهُدى والفلاح لمن اتبع كتابه وآمن به وقدَّمه على غيره، جعل الضلال والشقاء لمن أعرض عنه واتبع غيره وعارضه برأيه ومعقوله وقياسه. قال تعالى: {اِللَّهُ وَلِيُّ اُلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلنُّورِ (٢٥٥) وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ اُلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ اَلنُّورِ إِلَى اَلظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ اُلنّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٥٥ - ٢٥٦]. وقال: {إِنَّ اَلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: ٤٧]. وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَعْمى} [طه: ١٢٢] فوصفه بالعمى الذي هو ضد الهُدى، وبالمعيشة الضنك التي هي ضد السعادة، فكتاب الله أوله هداية وآخره سعادة، وكلام المعارضين له بمعقولهم أوله ضلال وآخره شقاوة.

الوجه الثَّالث بعد المائة: أن الله سبحانه ذمَّ المجادلين في آياته بالباطل في غير آيةٍ من كتابه، فقال تعالى: {اِلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اِللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اَللَّهِ وَعِندَ اَلَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اُللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ مُّتَكَبِّرٍ جَبّارٍ} [غافر: ٣٥].

وقال: {إِنَّ اَلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اِللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} [غافر: ٥٦].