للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرَّابع والعشرون

في ذكر الطَّواغيت الأربع التي هدم بها أصحابُ التأويل الباطل معاقلَ الدِّين

وانتهكوا بها حُرمة القرآن ومحَوْا بها رسومَ الإيمان

وهي:

قولهم: إنَّ كلام الله وكلام رسوله أدلةٌ لفظيةٌ لا تُفيد عِلْمًا، ولا يَحصُل منها يقينٌ.

وقولهم: إنَّ آيات الصِّفات وأحاديث الصِّفات مجازاتٌ لا حقيقة لها.

وقولهم: إنَّ أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّحيحة التي رواها العُدول وتلقَّتْها الأُمة بالقَبول لا تُفيد العلم، وغايتها أن تُفيد الظنَّ.

وقولهم: إذا تعارَضَ العقل ونصوص الوحي أخَذْنا بالعقل، ولم نلتفت إلى الوحي.

فهذه الطَّواغيت الأربع هي التي فعلتْ بالإسلام ما فعلتْ، وهي التي مَحَتْ رُسُومَه، وأزالتْ مَعالِمَه، وهدمتْ قواعِدَه، وأسقطتْ حُرمةَ النُّصوص من القلوب، ونهجتْ طريق الطَّعن فيها لكل زنديقٍ ومُلحِدٍ، فلا يحتجُّ عليه المحتجُّ بحجَّة من كتاب الله أو سُنَّة رسوله إلَّا لجأ إلى طاغوتٍ من هذه الطَّواغيت واعتصم به، واتخذه جُنَّةً يصدُّ به عن سبيل الله.

والله تعالى بحوله وقُوَّته ومنِّه وفضله قد كسر هذه [ب ٧٧ أ] الطَّواغيت طاغوتًا طاغوتًا على أَلسنة خُلفاء رُسُله وورثة أنبيائه، فلم يَزَلْ أنصار الله ورسوله يَصيحون بأهلها من أقطار الأرض، ويرجمونهم بشُهُب الوحي،