للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه. ومن له خبرة بالمعقول الصحيح يعلم أن العوج في كلام هؤلاء المُعْوِجين الذين هم عن الصِّراط ناكبون، وعن سبيل الرشد حائدون، وعن آيات الله بعيدون، وبالباطل والقضايا الكاذبة يُصدقون، وفي ضلالهم يعمهون، وفي ريبهم يترددون، وهم للعقل الصريح والسمع الصحيح مخالفون، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي اِلْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١٠) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ اُلْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ (١١) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ اَلنَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ اَلسُّفَهَاءُ اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ اُلسُّفَهَاءُ وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ (١٢) وَإِذَا لَقُوا اُلَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ (١٣) اَللَّهُ يَسْتَهْزِيئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٠ - ١٤].

الوجه التاسع والمائة: أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يسكتوا عن الكلام في هذا الباب، بل تكلموا فيه بغاية الإثبات المناقض لما عليه الجهمية المعطلة، وعند الجهمية أن الساكت عنه خيرٌ من المتكلم فيه بالإثبات المناقض لتعطيلهم، والمتكلم فيه بالنفي والتعطيل ـ الذي يُسمونه تنزيهًا ـ خيرٌ من الساكت عنه، فجعلوا المتكلم فيه بالإثبات آخر المراتب وأخسها (١).

ولا ريب أن هذا يستلزم غاية القدح في الرُّسل والتنقص بهم (٢) ونسبتهم إلى القبيح، ووصفهم بخلاف ما وصفهم الله به. ومضمون هذا أنهم لم يهدوا الخلق، ولم يعلموهم الحق، بل لبَّسوا عليهم، ودلسوا، وأضلوهم،


(١) «ح»: «وأحسنها». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) كذا في «ح».