للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المراد خاصٌّ محتملٌ (١)، فتُعطَّل دلالة اللفظ العام الكلي بهذه الطريق، كما تُعطَّل دلالة اللفظ على حقيقته باحتمال إرادة المجاز والاستعارة، ودلالة أوامر الله ورسوله على وجوب الامتثال باحتمال إرادة الاستحباب ومطلق الرجحان، ودلالة نواهيه على التحريم باحتمال دلالتها على مجرَّد الكراهة وترك الأَوْلى، ودلالة النصِّ الصريح الذي لا يحتمل غير معناه باحتمال كونه منسوخًا.

فقد أَعَدَّ لكل دليلٍ قانونًا يدفع به دلالته، فإن كان خبر واحدٍ قال: يحتمل أن يكون راويه كَذَبَ أو أَخطَأَ. فإن أعجزه القدح في راويه لشُهرَته بالصدق والعدالة قال: لعله رواه بالمعنى الذي فَهِمَه وهو غير فقيه، فإذا عارضه القياس كان المصير إليه أَوْلى، كما قال هؤلاء: إذا عارض النص العقل كان المصير إليه أولى. فإن غُلب وأمكنه ادِّعاء انعقاد الإجماع على خلافه عارضه بالإجماع، فإن غُلب عن ذلك عارضه باحتمال النَّسْخ، فإن غُلب عارض [ب ٨٩ أ] دلالته بالاحتمالات وأنواع التأويلات. فلله ما لَقِيَتِ النصوص من هذه الفِرَق وأرباب التأويلات والمتعصبين لمذاهبهم! وإلى مُنْزلها الشِّكاية، وبه المستعان، وعليه التُّكْلان.

الوجه الثَّالث والثلاثون: أن القدح في دلالة العام باحتمال الخصوص وفي الحقيقة باحتمال المجاز والنقل والاشتراك وسائر ما ذُكر؛ يُبطِل حُجَجَ الله على خَلْقه بآياته، ويُبطِل أوامره ونواهيَه، وفائدة أخباره. ونحن نبيِّن ذلك بحمد الله بيانًا شافيًا، ونقدِّم قبل بيانه مقدمة بين يديه، وهي ذِكْر الوجوه التي تنقسم إليها معاني ألفاظ القرآن، وهي عشرة أقسام:


(١) «ب»: «مجمل». ولعل المثبت هو الصواب.