للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخالفتكم لمَن قوله حجة. فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول مَن بلغتكم أقوالهم ـ مع أنهم ليسوا كلَّ الأُمة ـ فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم. وهذا كما تراه لا يمكن دَفْعُه إلَّا بمكابرة أو إجماعٍ متيقَّنٍ معلومٍ لا شك فيه، وبالله التوفيق.

وممَّا يوضِّح هذا أن كل مَن ترك موجَب الدليل لِظَنِّ الإجماع فإنه قد تبيَّن لغيره أنه لا إجماع في تلك المسألة، والخلاف فيها قائمٌ، ونحن نَذكُرُ من ذلك طَرَفًا يسيرًا يَستدِلُّ به العالم على ما وراءه.

فمن ذلك: قول مالك: «لا أعلم أحدًا أجاز شهادة العبد» (١). وصدق - رضي الله عنه -، فلم يَعلم أحدًا أجازها، وعَلِمَه غيره. فأجازها علي بن أبي طالب (٢) وأنس بن مالك (٣) وشريح القاضي (٤)، حكاه الإمام أحمد وغيره، وروى أحمد (٥) عن أنس قال: «لا أعلم أحدًا ردَّ شهادة العبد».


(١) لم نقف عليه عن الإمام مالك بهذا اللفظ، والذي في «المدونة» (٤/ ٥٤١): «قال مالك: لا تجوز شهادة العبد في شيء من الأشياء». انتهى. وهو في «رفع الملام» (ص ٣٢) غير معزوٍّ لمالك، وعزا شيخ الإسلام في «النبوات» (١/ ٤٧٩) نحوه إلى الشافعي.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢٠٦٥٦).
(٣) علقه البخاري في «صحيحه» (٣/ ١٧٣) ووصله ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢٠٦٥٢).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢٠٦٥٣).
(٥) أخرجه الخلال من طريق المروذي عن أحمد كما في «النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر» لابن مفلح (٢/ ٣٠٥).