للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به قائل لصاروا إليه. فإذا ظهر به قائل لم يَجُزْ أن يُضاف إليهم غيره إلَّا على الوجه المذكور، وهذه الطريقة أسلم.

وقسمٌ ثالثٌ: اتبعوا موجَب الدليل، وصاروا إليه، ولم يُقدِّموا عليه قول مَن ليس قوله حجة، ثم انقسم هؤلاء قسمين:

فطائفةٌ علمت أنه يستحيل أن تُجمِع الأُمة على خلاف هذا الدليل، وعلمت أنه لا بد أن يكون في الأُمة مَن قال بموجَبه (١)، وإن لم يبلغهم قوله، فما كل ما قاله كل واحدٍ من أهل العلم وصل إلى كل واحدٍ واحدٍ من المجتهدين، وهذا لا يدَّعيه عاقلٌ، ولا يُدَّعى في أحدٍ. وقد نصَّ الشافعي على مثل ذلك، فذكر البيهقي عنه في «المدخل» (٢) أنه قال له بعض مَن ناظره: فهل تجد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُنة ثابتة متصلة خالفها الكل؟ قلت: لا (٣)، لم أجدها قط كما وجدت المُرْسَل.

وطائفةٌ قالت: يجوز ألَّا يتقدم به قائلٌ، ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه؛ إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثيرٌ منهم أو أكثرهم بذلك القول، ولم يُسْتَفْتَ فيها الباقون، ولم تبلغهم، فحُفِظَ فيها قول طائفة من أهل العلم، ولم يُحفَظ لغيرهم فيها قول، والذين حُفِظَ قولُهم فيها ليسوا كلَّ الأُمة، فيَحْرُم مخالفتهم.

قالوا: فنحن (٤) في مخالفتنا لمَن ليس قوله حجةً أعذرُ منكم في


(١) «بموجبه». سقط من «ح».
(٢) «المدخل إلى علم السنن» (١/ ٤٠٠).
(٣) «لا» ليس في «ب».
(٤) «ح»: «نحن».