للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه السَّادس والتسعين (١): إن ما ذكره ابن سينا وأمثاله من (٢) أنه لم يرد في القرآن من الإشارة إلى توحيدهم شيءٌ، فكلامٌ صحيحٌ، وهذا دليلٌ على أنه باطلٌ لا حقيقة له، وأن من وافقهم عليه فهو جاهلٌ ضالٌّ.

وكذلك ما ذكره من (٣) أن من المواضع التي ذُكرت فيها الصِّفات ما لا يحتمل اللفظ فيها إلَّا معنًى واحدًا لا يحتمل ما يدَّعيه أهل التأويل من الاستعارة والمجاز، كما ذكره في قوله [ق ٧٩ ب]: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اُللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ اَلْغَمَامِ وَاَلْمَلَائِكَةُ} [البقرة: ٢٠٨] وقوله: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: ١٥٩]. وهذا حجةٌ على من نفى حقيقة ذلك ومدلَوله من المعطلة نفاة الصِّفات، وهو حجة عليه وعليهم جميعًا، وموافقتهم له على التعطيل لا ينفعه؛ فإن ذلك حجةٌ جدليةٌ لا علمية؛ إذ تسليمهم له ذلك لا يوجب على غيرهم أن يسلم ذلك له، فإذا تبيَّن بالعقل الصريح ما يوافق النقل الصحيح دلَّ ذلك على فساد قوله وقولهم جميعًا.

وكذلك قوله: «هب أن هذه كلها موجودة على الاستعارة فأين (٤) التوحيد والدلالة بالتصريح على التوحيد المحض الذي يدعو إليه حقيقة هذا الدِّين القيِّم المعترف بجلالته على لسان حكماء العالم قاطبة»؟ كلامٌ صحيحٌ لو كان ما قاله النُّفاة حقًّا، فإنه على قولهم لا يكون هذا (٥) الدِّين القيِّم قد بيَّن


(١) «ح»: «والتسعون».
(٢) «ح»: «في». والمثبت من «م».
(٣) «من» ليس في «ح»، ومثبت من «م».
(٤) «ح»: «فإلى». والمثبت من «م».
(٥) «ح»: «لهذا». والمثبت من «م».