للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأباحوا الخنزير، وهم (١) يعلمون أن المسيح اختتن وحرَّمَ الخنزير. وبالتأويل نقلوا الصوم من مَحِلِّه إلى الفصل الربيعي، وزادوه حتى صار خمسين يومًا. وبالتأويل عبدوا الصليب والصور. وبالتأويل فارقوا حُكم التوراة والإنجيل.

فصل

ومن أعظم آفات التأويل وجناياته أنه إذا سُلِّط على أصول الإيمان والإسلام اجتثَّها وقلَعَها، فإن أصول الإيمان خمس (٢)، وهي: الإيمان بالله وملائكتِه وكُتبه ورسله واليوم الآخر، وأصول الإسلام خمسة، وهي: كلمة الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت؛ فعمد


(١) «وهم» ليس في «ح».
(٢) المشهور أن أصول الإيمان ستة، وهي الواردة في جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام لما سأله عن الإيمان، فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكتِه، وكُتبِه، ورسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتؤمنَ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه». رواه مسلم (٨) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. ولا شك أن الأصول الخمسة تتضمن الإيمان بالقدَرِ كذلك، وقد بيَّن الإمام ابن القيم مأخذَه ودليله؛ فقال في «مفتاح دار السعادة» (١/ ٤٤٢): «أصول الإيمان الخمسة: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. فإن مَن لم يؤمن بهذه الخمسة لم يدخل في باب الإيمان، ولا يستحق اسم المؤمن؛ قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاَلْيَوْمِ اِلْآخِرِ وَاَلْمَلَائِكَةِ وَاَلْكِتَابِ وَاَلنَّبِيِّينَ} [البقرة: ١٧٦]، وقال: {وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اِلْآخِرِ فَقَد ضَّلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ١٣٥]. ولمَّا سأل جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. قال: صدقت». قلت: وهذا اللفظ رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب «السنة» (٣٦٥) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.