للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهؤلاء النصارى لم يزل أمرُهم بعد المسيح على منهاج الاستقامة حتى ظهر فيهم المتأوِّلون، فأخذت (١) عُرى دينهم تنتقض. والمتأوِّلون يجتمعون مَجمعًا بعد مجمعٍ، وفي كل مجمعٍ يخرج لهم تأويلات تُناقض الدِّين الصحيح، فيلعنهم (٢) أصحابُ المجمع الآخر، ولا يوافقونهم عليها، حتى جمَعَهم الملكُ قُسْطَنطِين من أقطار الأرض، فبلغوا ثلاثمائة وثمانية عشر بَتْركًا (٣) وأُسْقُفًّا (٤)، فتأولوا (٥) لهم هذه الأمانة التي بأيديهم اليوم، وأبطلوا من دين المسيح ما شاؤوا، وزادوا فيه ونقصوا، ووضعوا من الشرائع ما شاؤوا، وكلُّ ذلك بالتأويل، وقد ذكروا الظواهر التي تأولوها.

وبالتأويل جعلوا الله ثالث ثلاثة، وجعلوا المسيح ابنه، وجعلوه هو الله، فقالوا: هذا وهذا وهذا (٦). تعالى اللهُ عن قولهم. وبالتأويل تركوا الختان،


(١) «ح»: «فأخذوا».
(٢) «ح»: «فتلقنهم». وفي «ب»: «فتلقيهم». والمثبت أقرب إلى المعنى الصحيح والرسم.
(٣) البترك ويقال البطرك: مقدَّم النصارى. «لسان العرب» (١٠/ ٤٠١). ويظهر من كلام المصنِّف في «مفتاح دار السعادة» (٣/ ١٢٣٧) أنه فوق المطران وتحت الأسقف.
(٤) الأسقف: رئيس النصارى في الدِّين، أعجمي تكلمت به العرب. «لسان العرب» (٩/ ١٥٦).
(٥) «ح»: «فتلوا».
(٦) «وهذا» ليس في «ح».