للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانا (١) أبهى وأحسن، استُعيرت أسماؤها لما دونها.

فإذا قيل: إن هذه الأسماء مجازٌ في حقِّ الربِّ حقيقةٌ في حقِّ العبد، كانت في العبد أكمل وأتم منها في الربِّ، وكانت تسمية الربِّ سبحانه بها تقريبًا (٢) وتمثيلًا لما هو حقيقة في العبد! وهل في الباطل والضلال والكفر والمحال فوق هذا؟!

والظاهر ـ والله أعلم ـ أن أكثر هؤلاء النُّفاة المعطلة جهالٌ لا يتصورون حقيقة أقوالهم ولوازمها، وإلَّا فمن آمن بالله وكان له في قلبه جلالةٌ وعظمةٌ ووقارٌ لا يرضى بذلك ولا يعتقده، وإن كان كثيرٌ من الناس لا يتحاشى من ذلك ولا يأنف منه لقلة وقار الله في قلبه وبُعده عن معرفته وإساءة ظنه بأهل الإثبات وإحسان ظنه بطائفته وأهل نِحْلته. وضلالُ بني آدم لا يحيط به إلَّا من هو بكل شيءٍ محيطٌ!

الوجه السادس والثلاثون بعد المائتين: أن أعقل الخلق على الإطلاق الرُّسل، وأتباعهم بعدهم أعقل الأمم، وأهل الكتب والشرائع الكبار أعقلهم، وأعقل هؤلاء المسلمون، وأعقل المسلمين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون لهم بإحسان، وأهل السُّنَّة والحديث أعقل الأُمة بعدهم على الإطلاق. والبرهان القاطع على هذا أنه قد ظهر على أيدي الرُّسل من العلم النافع والعمل الصالح ومصالح الدنيا والآخرة ما لم يظهر مثله ولا قريب منه ولا ما له (٣) البتة نسبة بوجهٍ من الوجوه على أيدي غيرهم من العقلاء.


(١) «ح»: «كان».
(٢) «ح»: «أنه بها تقريقا». ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «مثاله». ولعل المثبت هو الصواب.