للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا هو أمُّ الكتاب وأصله.

الوجه السَّادس والستون: أنه على قول أرباب القانون لا سبيل لأحدٍ أن يعرف أن شيئًا من القرآن محكمٌ؛ فإن ذلك إنما يُعرف إذا حصل اليقين بانتفاء (١) المعارض العقلي، وهذا النفي غير معلومٍ؛ إذ غاية ما يمكن انتفاء العلم بالمعارض، لا العلم بانتفائه.

فإن قلتم: نحن نقول: إن صرف اللفظ عن ظاهره وإخراجه عن كونه محكمًا لا يجوز إلَّا عند قيام الدليل العقلي القطعي على أن ظاهره محالٌ ممتنعٌ.

قيل: وأنتم تقولون مع ذلك: إن حمله على ظاهره لا يجب إلَّا إذا قام الدليل العقلي على أن ظاهره حقٌّ، فما لم يُعَضِّدْه دليلٌ عقليٌّ لم يُجزَمْ بثبوته. فالمعتمَد إذًا عندكم في النفي والإثبات على الدليل العقلي، والقرآن عديم التَّأثير، لا يُجزم بنفي ما نفاه، ولا بإثبات ما أثبته. وهذا قول مَن لم يُؤمن بما أنزل الله من الكتاب، ولا بما أُرسِل به الرسول.

الوجه السَّابع والستون: أن أصحاب القانون لا يمكنهم إنكار أن الأدلة اللفظية تُفيد ظنًّا غالبًا، وإن لم تُفدهم يقينًا، وما عندهم ممَّا يُسمونه أدلة عقلية على نفي ما دلَّ عليه القرآن والسُّنَّة من الصِّفات، إنما هي أقوالٌ باطلةٌ، لا تُفيد عند (٢) التحقيق، لا علمًا ولا ظنًّا، بل جهلًا مركبًا يظن صاحبها [ق ٤٢ أ] أن معه علمًا، وإنما معه الجهل المركب، فهي في العلوم كأعمال مَن


(١) «ح»: «باقتضاء». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «عنه».